![]() |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() قصة المثل حكم قراقوش؟ و ما هي حقيقة شخصيته..؟؟ نسمع كثيرا برجل يدعى قراقوش و تضرب به الأمثال في القسوة و الظلم.. و يقال في المثل حكم قراقوش.. فيا ترى من هو قراقوش هذا ؟ و ما هي حقيقته؟ و هل ما يقال عنه حقيقة أم هو من نسج الخيال و لمعرفة الحقيقة لنا وقفة مع كلام المؤرخ محمد عبدالله عنان رحمه الله في كتابه تراجم إسلامية حيث قال: كثيرا ما تغير حقائق التاريخ أو تشوه و يغمرها معترك من الخرافة فتغدو على كر الأجيال و قد غاضت معالمها الحقيقة و رسخت صورها التي ينسجها الخيال و أضحت تحجب ما عداها من الصور التي تعتمد على الحقائق التاريخية.. و هذا القول ينطبق على بهاء الدين قراقوش وزير السلطان صلاح الدين فإن الرواية التاريخية تقدمه إلينا وزيرا نابها و إداريا حازما قام بمشروعات إنشائية عظيمة هذا بينما تقدمه لنا الأسطورة أو بعبارة أخرى يقدمه إلينا القصص الشعبي طاغية غشوما و حاكما ظالما سفاكا للدماء متجاهلا كل حق و كل عدالة و كل رفق حتى أنه غدا مضرب الأمثال لكل عسف و جور يتمثل ذلك في العبارة الشعبية المأثورة حكم قراقوش فما هو وجه الحقيقة في ذلك و ما هي حقيقة شخصية هذا الرجل الذي تدمغه الأساطير الشعبية بهذه القسوة؟ و أخيرا ما هو مبعث هذه الأساطير و الظروف التي ترعرعت فيها؟ هذا ما سنحاول أن نعالجه في هذا الفصل تحدثنا الرواية التاريخية المعاصرة و القريبة من العصر عن بهاء الدين قراقوش و تقدمه إلينا في صورة طيبة، تختلف كل الاختلاف عما تقدمه إلينا الأسطورة و قد عنى ابن خلكان بترجمته بين أعيان وفياته و هو أبو سعيد قراقوش بن عبد الله الأسدي الملقب ببهاء الدين و قراقوش معناها بالتركية النسر الأسودو كان خصيا أبيض من خدم أسد الدين شيركوه عم صلاح الدين فلما تولى صلاح الدين الوزارة للخليفة الفاطمي العاضد بالله جعله متولي القصر الفاطمي حرصا على ما فيه.. و لما استقل صلاح الدين بشؤون مصر عينه كبيرا لشؤون القصر و الخاص، فأبدى همة و غيرة و كفاية في كل ما أسند إليه و تقدم في الحظوة حتى غدا رجل صلاح الدين الأول و ساعده الأيمن يوليه كامل ثقته و يندبه لمهام الأمور و لما غاب صلاح الدين عن مصر مدة عين قراقوش نائبا عنه و فوض أمورها إليه فوطد الأمور و ضبط النظام و الأمن.. و قد قام قراقوش خلال خدمته لصلاح الدين بطائفة من أعظم الأعمال الانشائية التي خلدت اسمه و التي مازالت آثارها ماثلة بيننا فهو الذي أنشأ قلعة الجبل العظيمة على سفح المقطم و كان صلاح الدين قد رغب في إنشاء معقل حصين يعتصم به و يكون فيه آمنا على نفسه من كيد خصومه من شيعة الفاطميين وغيرهم و يجعله مستقرا له و قاعدة لحكمه فتولى قراقوش تحقيق رغبته و قام على إنشاء القلعة و ذلك في سنة 569هـ و إنشاء بئرها العجيبة لتمدها بالماء.. و كان صلاح الدين قد رأى في نفس الوقت أن يبني سورا عظيما يضم القلعة و مدينتي مصر و القاهرة بعد أن اتسعت أحياء القاهرة التي خارج السور الفاطمي القديم فلم بر أيضًا خيرًا من قراقوش لتحقيق رغبته و أبدى قراقوش في تنفيذ هذا المشروع همة فائقة وأزال عددًا كبيرًا من القبور و المساجد التي تعترض خطط السور و هدم كثيرا من الأهرام الصغيرة التي كانت قائمة بالجيزة تجاه مدينة مصرو استعملت أحجارها الضخمة في بناء السور و القلعة.. و ابتنى قراقوش أيضا قناطر الجيزة العظيمة على النيل على مقربة من الأهرامات و ابتنى عددا آخر من المنشآت.و لما استولى صلاح الدين على ثغر عكا من يد الفرنج ندب قراقوش لإصلاحه و ترميم أسواره و قلاعه ثم عاد الفرنج فاستولوا عليه ووقع قراقوش أسيرا في أيديهم و لم يُفرج عنه إلا لقاء فدية عظيمة و لما نجا قراقوش من الأسر و مَثُل أمام السلطان سر صلاح الدين بخلاصه أيما سرور و أعلى مرتبته و غمره بصلاته.. و لبث قراقوش على حظوته حتى توفي صلاح الدين في سنة 589هـ. و عاش قراقوش بعد ذلك عدة أعوام أُخر رفيع المكانة وافر الهيبة نافذ الكلمة حتى توفي في سنة 597هـ.و نستطيع على ضوء هذه الخلاصة الموجزة لسيرة قراقوش أن نقول إنه كان شخصية بارزة.. و إنه قام بأعمال عظيمة و هذا هو نفس ما تردده التواريخ المعاصرة و القريبة من عصره و يكفي أن نذكر في هذا المقام ما رواه معاصره العماد الأصفهاني مما جاء في وصفه على لسان صلاح الدين حينما تقرر ندبه لإصلاح ثغر عكا و هو الراجح الرأي الناجح السعي الكافي الكافل بتذليل الجوامح و تعديل الجوانح و هو الثبت الذي لا يتزلزل والطود الذي لا يتجلجل بهاء الدين قراقوش الذي يكفل جأشه بما لا تكفل به الجيوش.. و قال عنه ابن خلكان و قد عاش قريبا من عصره و كان رجلا مسعودا و صاحب همة عالية.. تحيات ماجد البلوي
__________________
![]() ![]() |
#2
|
||||
|
||||
![]() ![]()
__________________
![]() |
![]() |
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
الساعة الآن 12:28 PM